الإعلامي الجزائري أوراغ رمضان
من جبال الأوراس إلى أوكرانيا : رحلة في الفيزياء والإعلام

أوراغ رمضان الخبير في الشؤون الأوكرانية والمحلل السياسي المعروف على مختلف شبكات الأخبار الدولية هو مؤسس ومدير شبكة الأوراس للدراسات الإعلامية، شخصية جزائرية أصيلة فرضت نفسها وبقوة وبجهود ذاتية في مجال التحليل السياسي على الساحة الإعلامية الدولية.
حاوره : كمال عمان - موسكو
في حوار خاص لموقع رابطة الإعلاميين الجزائريين في الخارج نكتشف شخصية أوراغ رمضان ؟ كيف وصل الى أوكرانيا ؟ ماذا يعمل وكيف يعيش حياته هناك ؟ وماهي شبكة الأوراس الإعلامية في أوكرانيا ؟
من أين ينحدر أوراغ رمضان؟
أنحدر من جبال الأوراس الشامخة التي انطلقت منها أول رصاصة في ثورة التحرير لبلدنا العزيز من الاستعمار الفرنسي البغيض ، من مواليد 1970 م وَ نشأت في عائلة متواضعة .
كيف كان مساركم الدراسي منذ البداية وَ حتى التخصص الجامعي؟
كان مشواري الدراسي عاديا وَ لكن كُنت دوما أركز على الاجتهاد الخاص في البحث عن المعلومة وَ توسيع أفقي العلمي عن طريق المُطالعة و البحث حتى في أوقات العطل الموسمية وَ دوما كُنت أشعر بضيق شديد عندما أرتبط بمنهاج معين وَ هذا الشعور ظل معي إلى حد الآن . كُنت مُتفوقا في دراستي الإبتدائية وَ الثانوية وَ كُنت أميل دوما إلى العلوم الدقيقة وَ خاصة الرياضيات وَ الفيزياء وَ من ثم التحقت بجامعة قسنطينة في كلية العلوم الدقيقة ، وَ بعدها انتقلت للدراسة في الإتحاد السوفياتي وَ لكن بإختصاص مختلف كان يرتبط بإدارة المطارات وَ النقل الجوي ، وَ رغم ذلك واصلتُ دراستي بشكل مستقل عن الارتباطات الجامعية الرسمية بعدما تعرفت على نخبة من الأساتذة الجامعيين وَ الأكاديميين الأوكرانيين وَ كنت أحضر المحاضرات وَ أشارك في الأبحاث العلمية المرتبطة بالفيزياء النظرية وَ إلى حد الآن ، حيث أمارس حاليا البرمجة وَ أعمل في هذا الإتجاه وَ لي بحوث مهمة في هذا المجال وَ كذلك حصلت على براءة من وكالة أوكرانيا للملكية الفكرية في مجالِ البرمجيات.
هل كانت لكم تجربة في المجال الإعلامي داخل الوطن؟
كما ذكرت في البداية كان مشواري الدراسي و العلمي مرتبطا أساسا بالعلوم الدقيقة وَ التقنية وَ في الجزائر تحصلت على بكالوريا في شعبة الرياضيات التقنية وَ أما العمل الإعلامي فاقتصر عموما على مشاركتي في تحرير مجلة ثانوية البشير الإبراهيمي التقنية في تلك المرحلة وَ ربما كانت بداية لاهتمامي بالمجال الإعلامي ، وَ لكن لم أنشط كإعلامي في الجزائر لأنني غادرت الوطن في نهاية الثمانينات وَ لم أرجع إلى حد الآن، بل يقتصر نشاطي عموما عبر مداخلاتي التلفزيونية من الخارج عبر بعض القنوات الدولية في تحليل الوضع الجزائري من وجهة نظري أو كتابة مقالات باللغة الروسية عموما حول الوضع الجيوسياسي في المنطقة العربية وَ بما في ذلك شمال إفريقيا.
كيف وصلتم إلى أوكرانيا وَ لماذا أخترتم هذا البلد بالتحديد؟
أنا قدمت للدراسة في الإتحاد السوفياتي السابق وَ بالضبط إلى عاصمة جمهورية أوكرانيا السوفياتية ، وَ بعد إستقلالها في 1991 م وجدت نفسي في دولة أوكرانيا المستقلة ، إذن منذ البداية لم أعرف بأنني سأستقر في أوكرانيا لأن الأمور تبلورت مع الأحداث التي طرأت في الدولة السوفياتية، وَ لكن أعتبر بأنني وُفقتُ في ذلك لأن أوكرانيا قدّمت لي الكثير من التجربة سواء في المجال العلمي أو العَملي.
كيف كانت أيامكم الأولى في أوكرانيا هل واجهتم صعوبات؟
كنا شبابا وَ طموحين إلى الأفضل وَ لذلك لم نشعر بالصعوبات التي واجهت أوكرانيا كدولة مستقلة وَ كما تعرفون بما أن الجزائريين يتأقلمون بسهولة و قادرين على تذليل العقبات التي تواجه طريقهم ، فشخصيتي تبلورت بشكلٍ متزامن وَ تبلور مؤسسات الدولة وَ قوامها الإجتماعي وَ لذلك كنت أشعر بالإنسجام من الناحية النفسية لأن الطلبة الجزائريين الذين درسوا في الفضاء السوفياتي يختلفون كثيرا عن زملائهم الدارسين في الغرب. فنحن قدمنا إلى دولةٍ لم نشعر بالفارق الإجتماعي مع مواطنيها – اقصد تلك الفترة طبعا – وَ كنا نحظى بالإحترام من طرفهم وَ لكن في الغرب المُجتمع هناك ينظر من منطق الإستعلاء وَ الفوقية لأنه يعتبر نفسه متحضرا وَ هو ينتمي إلى العالم المتقدّم – وَ هذا السلوك طبعا يؤثر في كيفية الإندماج.
وَ لذلك المغترب الجزائري في أوكرانيا الذي قدم في المرحلة السوفياتية لا يشعر بأنه غريب في هذا المُجتمع بالعكس يحتفظ بالشعور بأنه قدم إلى دولة عظمى وَ عندما يلتقي بزميل فرنسي أو أمريكي في العمل فيُعالج الأمور من ذلك المقياس بأنه يُمثل القطب الآخر وَ عليه أن يثبت بأنه الأحسن وَ الأقدر وَ لذلك نحن نحتفظ بثقافة "الحرب الباردة" إلى حد الآن وَ هذه حقيقة ، وَ طبعا الإرث الإستعماري يُقوّي وَ يُعزز هذا الشعور لدى الجزائريين تجاه الغرب و نحن نعرف تماما بأن الثورةَ الجزائرية واجهت ليس فقط فرنسا وَ لكن كل الحلف الأطلسي – فإجابتي أختزلها بعبارة بسيطة: لم تواجهني أي صعوبة في هذا الشأن.
ماذا عن حياتك الإجتماعية وَ إندماجكم في المجتمع الأوكراني؟ وَ هل الزوجة من أوكرانيا؟
كما ذكرت آنفا كان اندماجي في المجتمع الأوكراني عاديا بحكم أنني كنت في تلك الفترة شابا وَ كذلك لأنه لم توجد هناك فروقات طبقية بيني و بين زملائي الأوكرانيين لأسباب تطرقت إليها في إجابتي السابقة. زوجتي أوكرانية وَ قد رزقنا الله بولد اسمه نزار ، حاليا هو شاب يناهز 19 سنة وَ يعتبر نفسه في المقام الأول جزائريا وَ ثم أوكرانيا، وَ لقد حاولت أن أربطه بالوطن وَ بثقافة أجدادي. وَ لذلك فهو من الجيل الثاني وَ لذلك يتوجب الإستثمار في تشكيل شخصيته وَ جعله مواطنا صديقًا للجزائر وَ هي الدبلوماسية الشعبية التي يجب ممارستها ليلا نهارا لتوطيد العلاقات بين أوكرانيا وَ الوطن .
كيف جاءت فكرة إنشاء شبكة الأوراس الإعلامية؟
أتت الفكرة على خلفية الضرورة المُلحة لإنشاء منبر ناطق باللغة العربية لتعريف القارئ في العالم العربي عن أوكرانيا كدولة مهمة وَ كذلك كوسيلة إعلامية للتواصل بين أبناء الجالية العربية في أوكرانيا وَ كانت التجربة ناجحة، حيث قمت بتأسيس صحيفة حول أوكرانيا العربية بشكل رسمي وَ هي مُعتمدة لدى الدولة الأوكرانية وَ دوما كل تصريحات مسوؤلي الخارجية الأوكرانية تتم حصرا عبر موقع الصحيفة الإلكتروني.
البداية كانت طبعا صعبة لأن المشروع خاص وَ مرتبط بإمكانياتي المحدودة وَ رغم ذلك فواصلت الدرب وَ أنا دوما أحاول تطوير هذا المنبر وَ الذي أنبثق عنه كذلك مركز الأوراس للدراسات الإستراتيجية الذي يحظى بإهتمام الكثير من المتابعين للشأن الأوكراني وَ نقوم بإصدار دراسات وَ تحليلات في هذا الشأن.
كيف أصبح نشاطكم في شبكة الأوراس الآن؟
شبكة الأوراس الإعلامية تشمل ثلاثة مواقع إلكترونية مهمة: موقعان باللغة العربية وَ موقع باللغة الروسية، وَ نحن نحاول حاليا التركيز على الموقع الناطق باللغة الروسية لأن هناك ضرورة ملحة لتعريف القارئ المحلي بمستجدات العالم العربي وَ طبعا بالوضع في الجزائر على وجه الخصوص، وَ هناك جمهور مهم يتابعنا وَ يهتم بمقالاتنا وَ جل المتابعين هم من الطلبة والمسؤولين في الدولة وَ كذلك من الزملاء المحللين وَ الصحفيين. فالشبكة مستقلة في سياستها التحريرية ، وَ بما أنها تعتمد على إمكانياتي الشخصية فإنه لا توجد أي إملاءات عدى تلك الشروط المؤطرة بالقوانين الأوكرانية .
كيف ترى التجارب العربية الأخرى لإنشاء مواقع ناطقة باللغة العربية في أوكرانيا؟
نحن نحيي وَ نشجع الإخوة العرب في تنويع مصادر المعلومة في أوكرانيا فبعد قيامنا بإنشاء موقع صحيفة حول أوكرانيا العربية وَ إحتلالها مكانة مرموقة في المجتمع بين القراء وَ المتابعين إرتأى زملاء في إنشاء صفحات أخرى ربما لتكثيف العمل خدمة لأوكرانيا وَ للجاليات العربية.
الحقيقة أنّ السبب في ظهور مواقع أخرى على الساحة يأتي في سياق أن شبكتنا الإعلامية مستقلة وَ مرتبطة بمواطن جزائري ربما بعيد نوعا ما عن أجواء إخواننا في المشرق العربي و هو أمر طبيعي، ناهيك على أن الجاليات المشارقية في أوكرانيا كبيرة خلافا عن الجاليات المغاربية التي تعد على الأصابع.
وَ هناك عامل أساسي يجب ذكره هنا وَ هو أن الدبلوماسية المشارقية تهتم بالطاقات و الكفاءات بين أبناء جاليتهم وَ خاصة الدبلوماسية الفلسطينية التي تعتبر من أنشط الممثليات الدبلوماسية العربية في أوكرانيا وَ هي على تواصل مستمر مع الجالية ، وَ لذلك يصعب أن يُعتمد منبر يُشرف عليه مواطن جزائري مستقل لتحريك شأن جالياتٍ عربية أخرى وَ لذلك ظهور المواقع العربية الأخرى في أوكرانيا جاء كضرورة حتمية. للأسف الدبلوماسية الجزائرية لم تهتم بمشروعنا الإعلامي رغم أن ذلك أوجد تساؤلات لدى الآخرين لأنه أمر غريب وَ غير طبيعي
هل هناك تشجيع من طرف السلطات الأوكرانية، و كيف هي علاقتكم معهم؟
نحن نشكر الدولة الأوكرانية على قبولها تسجيل صحيفة "حول أوكرانيا" العربية كمنبر رسمي ، وَ كذلك على تشريعهم المتكامل الذي سمح لنا كمواطنين أجانب بممارسة العمل الإعلامي وَ صقلِ مواهبنا وَ إثراء تجربتنا في هذا المجال ، أنا لم أحصل على الجنسية الأوكرانية رغم أنني أقطن فيها لأكثر من 25 سنة لأن الدستور الأوكراني يحظر إزدواجية الجنسية وَ أنا أرفض طبعا التنازل عن الجنسية الجزائرية هذا أمر مبدئي لا نقاش فيه.
بصفتك مواطن جزائري مقيم في أوكرانيا ما هو حجم الجالية الجزائرية في هذا البلد و هل هناك تعاون وَ تواصل بينكم؟
حجم الجالية الجزائرية ضئيل جدا مقارنة بالجاليات العربية الأخرى ، وَ الجالية الجزائرية يُمكن تصنيفها على الشكل التالي : هناك قدماء "النضال السوفياتي" الذين إستقروا وَ لهم عائلات وَ هم قليلون جدا وَ تواصلنا معهم يكاد يكون معدوما ، وَ هناك فئة أخرى وَ هم من الطلبة الذين قدموا حديثا إلى أوكرانيا للدراسة وَ للأسف بعضهم ترك مقاعد الدراسة وَ يمارسون أعمالا حرة من أجل الإسترزاق.
كيف ترى إنشاء رابطة الإعلاميين الجزائريين في الخارج؟
أنا أعتبر هذا المشروع جد مهم لأنه يجمع بين الإعلاميين الجزائريين لتبادل الآراء وَ إستقراء الوصفات المهمة لمساعدة الجزائر على النهوض وَ التطور للإلتحاق بركب الدول المتقدمة، وَ لذلك يُمكن إعتبارها سفارة حقيقة للشعب الجزائري وَ لقضايانا الراهنة في الخارج، حيث يُمكن من خلالها التواصل مع الزملاء في الداخل لتحرير ميثاق عمل ليكون لبنة في صرح وطننا العزيز.
وَ أرى بأنه يجب عقد مؤتمر للرابطة من أجل مناقشة أهم المواضيع التي تخص الجزائر وَ تحرير برنامج عمل لفترة سنة مثلا وَ رسم إستراتيجية تخدمنا جميعا وَ كذلك على الرابطة أن تتواصل مع المؤسسات الحقوقية لتقديم المساعدة اللازمة للزملاء الإعلاميين الذين يُعانون من شتى المضايقات في الداخل، وَ لذلك كل عضو في هذه الرابطة مُلزم بالمساهمة في تطويرها.
فيما يلي روابط المواقع الثلاثة التابعة لمركز الأوراس للدراسات :
www.aures.com.ua
www.doljnika.net
www.dipcomment.com